الكهف
(يوما سافرتُ إلى كهفى .. (1
فى رحلة كشف يحدوها شغفى
كى أسبر أغواره
استبطنُ داخله , استوضح أسراره
فوجدت ظلاما لجيـَّا فى كل مكان
:قد قال حكيم : العالـَـم إثنان
الأصغر هو هذا الإنسان
و الأكبر باقى الملكوت
:فى كهفى
أجهدتُ الفكركثيرا .. أعْملتُ العقـل
حاولت به أن أصل و نحـّيت النقـل
(كى ألقى الضوء على أهل الكهف ِ ..(2
أسئلة حيرى هائلة و ردود لا تكفى
أوََ حُــرٌّ ؟ أم أنى محكوم بقيودِ ؟
أفعالى : مطلقة أم حـُدت بحدود ِ؟
(تنتسب إلىّ ؟ أخلـُـقها ؟ .. أم هى كسبُ ؟ .. (3
أم هى قدر مقدور فى الأزل و محتسبُ ؟
أحيانا : أعتقد بأنى حرٌ
ِ يصعد عقلى فوق سماوات سبع
ِ و يغوص كثيرا فى اليم و فى النبع
ِ أو يهبط تحت الأرضِ
ِ يتمطى فى الدنيا فى طول , فى عرض
ترضيه إجابات .. و كثير لا تـُرضى
:و يعود من الجولة مقتنعا بقضية
(صعب جدا إدراك " الماهية ".. (4
الكون قليل ما يبدى , و كثير ما يخفى
ما عُـلم أقل من الذرة فى بحر مخفى
فى الكهف لقيتُ مشاكل مشتعلة
:البعض أصيلٌ و الأخرى مفتعلة
الخير هو الطبع المركوز أم الشر؟
أيهما أعتقد , و أيا أحتسبُ ؟
(أم نفس بيضاءٌ : ما فيها مكتسبُ ؟.. (5
أحتاج لكى أحيا - فى الواقع - مجتمعا
نتبادل حاجات , نتعاون و نعيش معا
ولهذا أتنازل عن جزء من ذاتى ؟
فى هذا استمرار لبقائى و حياتى
لكن : كم يبلغ حجما هذا الجزءُ ؟
أحيانا هو جوْر أو قيد أو رزءُ
فنعانى أحيانا طغيان الفردِ
ِتغريه القوة , فيكشر كالأسد ِ
ِيتفنن فى البطش و ألوان القيد ِ
قد يطغى المجتمع ُ , فنصير له الترسْ
نتحول آلات , قد حرمت حتى الهمسْ
و أعود من الكهف - كما رحت - مع الحيْرة
بل أكثرَ جهلا لا أجد إجابة
قد غطت عقلى مليونُ سحابة
:لسؤال أوحد ما عندى غيره
ما أنا فى هذا الكون و ما دورى ؟
سلمت إلى الخالق يا عالم أمرى
مصطفى سلام
19 ديسمبر 2006
---------------------------------------
(1) ذاتى
(2) مكنونات الذات
(3) نظرية الكسب عند الأشاعرة
(4) الماهية : حقيقة الأشياء
(5) يقول بعض الفلاسفة : العقل صفحة بيضاء تملأ بالمكتسبات